سيدة مسلمة Admin
اسم الدولة : عدد المساهمات : 2808 نقاط : 19607 تقييم : 128 تاريخ التسجيل : 26/05/2013 العمر : 53 الموقع : http://www.mslemat.com/
لعب الادوار مرئي للجميع: الخبرة,
| موضوع: الحكمة من تعدد الرسل والرسالات وختم النبوة الأحد يناير 05, 2014 7:42 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه . والصلاة والسلام على رسله وأنبيائه وخاتمهم محمد أتم الصلاة والتسليم ، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين . هذا المزبور جواب سؤال عن الحكمة من تعدد الأنبياء والرسل ثم ختم النبوة بعد ذلك التعدد . وفيه إبطال المغالطة القائمة على جعل التعدد في الرسالات من التناقض والاختلاف .
دين جميع الأنبياء واحد هو الإسلام العام :
فإن جميع الرسل والأنبياء بعثهم الله بالدعوة إلى دين الإسلام ، وذلك أن الإسلام له معنيان ، عام وخاص ، فالخاص هو الشريعة التي جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأما الإسلام العام فهو ما جاء به جميع الأنبياء والرسل من آدم ونوح إلى محمد صلى الله عليهم وسلم ، يقول الله تعالى : { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } وهذا الإسلام العام هو جوهر الرسالات ويتضمن الإيمان بالله وملائكة وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ، وكثير من تفاصيلها ، ويتضمن الآداب والأخلاق والإحسان إلى الخلق . يقول الله تعالى : { شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ } . وقال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ }
النسخ في الشرائع الإلهية حكمة ربانية :
والفرق بين ما جاء به كل نبي ومن قبله إنما ينحصر في مجال الأحكام الفقهية إما نسخا كاملا لبعضها أو نسخا جزئيا لها ولشروطها وكيفياتها ، وأما ما عدا النسخ فلا يعتبر اختلافا أصلا وإنما هو من تنوع الأخبار وتفصيلها . والحكمة من النسخ ظاهرة في كونه تربية للعباد من خلال منهج التدرج ، وابتلاء للناس في الانقياد لحكم الله تعالى ، وتحقيق المصلحة والخير للعباد في معاشهم ومعادهم ، إلى غير ذلك من الحكم العامة والحكم الخاصة بكل حكم ناسخ أو منسوخ . يقول الله تعالى : { مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . فمما سبق يعلم اتفاق الأنبياء والرسل ، وأن التنوع في مجال الأحكام الفقهية من حكمة التشريع الرباني .
بيان أوجه الحكمة في تعدد الرسل والرسالات :
فإن قيل: ما الحكمة من تعدد الأنبياء والرسل وإن كانوا متفقين غير مختلفين ؟
فنقول : من الحكمة في ذلك أمور كثيرة :
أولها : حِكم تعود إلى مقتضيات كمال الله عز وجل في أسمائه وصفاته وأفعاله :
فإن كمال الله عز وجل في أسمائه وصفاته يقتضي آثارا عظيمة خلق الله الخلق لأجلها ، فخلقهم لتحقيق التوحيد الذي تقتضيه وحدانيته ، وتحقيق علمه فيهم فلا يعزب عن علمه من خلقه مثقال حبة ، وتحقيق مقتضى ربوبيته بإيجادهم وإمدادهم وتربيتهم بالنعم ، وتحقيق مقتضى كرمه ورحمته ولطفه بما يغذيهم به من النعم الدينية والدنيوية ، وتحقيق مقتضى سلطانه وقهره وملكه بما يدبره في عباده ويجازي به من خرج عن طاعة أنبيائه . ولا ينتهي الكلام في تعداد هذه الحكمة العظيمة العائدة إلى مقتضيات كمال الله عز وجل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله . فبعثة الرسل إلى أقوامهم فيها من تحقيق مقتضيات كمال الله تعالى :
اصطفاؤه الرسل كما تشاء حكمته ، قال تعالى : { اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ }. وظهور رحمته ، قال تعالى : { قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } . وظهور عدله في إقامة الحجة على عباده ، قال عز وجل : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} . وظهور معيته لرسله بالنصرة ، وقهره لأعدائهم من المجرمين ، قال سبحانه وتعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }
والكلام في هذا لا نهاية له ، ولا يمكن توفيته حقه مهما اجتهد الإنسان فإن كمال الله عز وجل وحكمته مما لا يدرك نهايته ولا يحيط به علم أحد من الخلق .
ثانيها : حِكم تعود إلى ما يختص الله به الرسل والأنبياء :
ففي بعثهم وإرسالهم رفعة لهم وهدى ونور ، وزيادة في علومهم وأعمالهم ، يقول الله عز وجل : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }. وفي نبوتهم صلاح لهم وفلاح ، ورحمة عظيمة تشملهم ، ومنة جليلة تعمهم ، يقول الله عز وجل : { وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا } ، وقال تعالى : { وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} ورفع لدرجاتهم بصبرهم على تبليغ رسالة ربهم ، يقول الله تعالى : { فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ } .
وفي بعثهم إكرام لهم وسلام من الله يحفظهم ، يقول الله تعالى : { قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا } . وفي إرسالهم زيادة في ثوابهم وأجرهم عند الله تعالى وقربهم منه جل وعلا ، قال تعالى : { وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (109) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ } وفي بعثهم إيتاؤهم الحكمة ، كما قال تعالى : { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } ، وقال تعالى : { ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا } . وفي بعثهم إعزاز لهم ونصرة على أعدائهم ، يقول الله عز وجل : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ } وما أكثر الحكم العظيمة التي تحصل للأنبياء والرسل باصطفاء الله لهم ، وما سبق إنما هو غيض من فيض ، ولهذا كان الأنبياء أكثر العباد شكرا لله وثناء عليه وحمدا له . يقول الله تعالى عن سليمان عليه السلام : { وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} . وقال تعالى عن يوسف عليه السلام : { َقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} .
ثالثها : حِكم تعود إلى الناس مؤمنهم وكافرهم :
فمن ذلك هدايتهم وإرشادهم إلى الخير والحق ، يقول الله تعالى : { وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } . وإظهار الحجة والدلالة على الهدى والرشد ، وإقامة الحجة على الخلق ، يقول الله تعالى : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } ، وقال تعالى : { رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } وتبشير من آمن بالنعيم والسعادة في الدنيا والآخرة ، وإنذار من كفر بالعقوبة والعذاب والشقاء في الدنيا والآخرة ، يقول الله تعالى : { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130) ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ } وليكونوا قدوة لهم من جنسهم البشري ، وأسوة حسنة يمتثلونها ويتبعون نهجهم ، يقول الله تعالى : { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } ، وقال تعالى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ }
وما في وجودهم بينهم من البركة الدينية والدنيوية ، يقول الله تعالى : { قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} ، وقال تعالى : { وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ } ، وقال تعالى : { فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وما في شرعهم الحكيم من تحقيق مصالحهم وتنظيم معاملاتهم بالعدل ، يقول الله تعالى : {وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ } ، ويقول الله عز وجل : { إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ}
وإصلاح نفوسهم وتزكيتها وتطهيرها ، وتقويم أخلاقهم وإحياء فطرهم وإنارة عقولهم وطمأنينة قلوبهم ، يقول الله تعالى : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } ،
وفي بعث الأنبياء والرسل صلاح في الأرض ومنع للفساد وتخفيف من شر كل ذي شر وفساده ، يقول الله تعالى : { وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } . وقال تعالى : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} . وقال تعالى : { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } والحِكم من بعث الأنبياء والرسل إلى أقوامهم كثيرة أيضا لا يمكن حصرها .
فتبين مما سبق عظيم حكمة الله تعالى في بعث الأنبياء والرسل .
ختم النبوة والرسالات بدين كامل محفوظ إلى قيام الساعة : ثم أن الله عز وجل شاء بحكمته أن يختمهم بخير أنبيائه ورسله محمد صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا }. فلذلك خص الشريعة الإسلامية بخصائص توجب دوامها وكمالها ، دلالة على علم الله بما يصلح عباده وأنه الخبير بهم الحكيم في تدبيرهم كونا وشرعا . فأغنت رسالته الكاملة المحفوظة إلى قيام الساعة عن بعث رسول بعده . وقام العلماء الربانيون من بعده مقام أنبياء بني إسرائيل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة حجج الله في دينه وخلقه على الناس ، وبيان الحق والعلم لهم ، وإذا نزل عيسى عليه السلام آخر الزمان كان متبعا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ولشريعته ، ولم يأت برسالة جديدة ولا كان في ذلك بعث من لم يكن قبل ذلك رسولا .
الحكمة من ختم النبوة والرسالات :
وفي ختم النبوة حكم كثيرة ، منها :
الابتلاء والاختبار الذي هو أحد الحكم العامة من الخلق والتشريع ، ولله أن يختبر عباده بما شاء وكيف شاء جل وعلا ، وما يترتب على هذا الاختبار من حكم عظيمة ومصالح كبيرة على التفصيل السابق ذكره . وإكمال الرسالات كما أكمل دين الإسلام ، قال تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} . وتبكيت الدجاجلة الكاذبين من مدعي النبوة وقطع الطريق عليهم بعد ختم النبوة ، وذلك لما يحصل من فساد الناس في مستقبل الزمان حتى أنه يكثر الدجاجلة من مدعي النبوة ، ثم يكون آخرهم أعظمهم فتنه وهو المسيح الدجال فيدعي النبوة ثم يدعي الربوبية !! فيرسل الله عيسى عليه السلام فيقتله ويكسر الصليب . ودعوة البشرية أجمعين إلى شريعة واحدة تجمعهم في أمة واحدة بعد أن كان لكل جنس وقبيل رسول ، يقول الله تعالى : {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } ، وقال تعالى : { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } ورحمة العالمين برسالته الخاتمة ، ومظاهر الرحمة في هذه الرسالة الربانية كثيرة جدا ، ولهذا قال الله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } فحصر علة إرساله في رحمة العالمين به دلالة على ما في رسالته من الرحمة العامة والخاصة ، فالحمد لله على نعمة الإسلام . والكلام على ما في الإسلام من حكمة تظهر بها حكمة ختم النبوة مما لا يستقصى ولا ينتهى فيه إلى حد .
فتبين مما سبق كثير من وجوه الحكمة من تعدد الأنبياء والرسل وختم النبوة ، وما لم نذكره أكثر وأعظم . فسبحان من عظمت حكمته وتقدست عن أن يطلع خلقه على جميع حكمته ، بل ما غاب عنهم أكثر مما علموه ، وفيما علموه من حكمته حجة بالغة ، ونعمة سابغة توجب الإقرار به والتسليم لشرعه والإذعان لأمره ونهيه . فالحمد لله أولا وآخرا ، وظاهرا وباطنا ، ونستغفر الله من كل زلل وتقصير ، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا . | |
|
ام ايمان عضو مميز
اسم الدولة : عدد المساهمات : 131 نقاط : 241 تقييم : 80 تاريخ التسجيل : 31/10/2013
| موضوع: رد: الحكمة من تعدد الرسل والرسالات وختم النبوة الجمعة يناير 10, 2014 8:47 am | |
|
تحية آلي منتدآگم آلرآئع رآق لي مآ پآح په قلمگم إستمروآ في نپض نور تميزگم ونحن پإنتظآر چديد عطر موآضيعگم ودي قپل ردي
| |
|
zizaia morocco عضو جديد
اسم الدولة : عدد المساهمات : 10 نقاط : 10 تقييم : 0 تاريخ التسجيل : 31/01/2014 العمر : 34
| موضوع: رد: الحكمة من تعدد الرسل والرسالات وختم النبوة السبت فبراير 01, 2014 6:13 pm | |
| ششگرآ لگگي عآلموضوع آلرآئعع
| |
|